نظام المرافعات الشرعية السعودي

نظام المرافعات الشرعية السعودي


جاء وضع نظام المرافعات الشرعية السعودي تأكيدًا على مبدأ أن العدالة لا تتحقق بمجرد الفصل في النزاعات وإصدار الأحكام، وإنما ترتكز على منظومة إجرائية دقيقة تحكم مسار الدعوى منذ قيدها وحتى تنفيذ الحكم.

 إذ يمثل هذا النظام الإطار الإجرائي المنظم لسير العدالة أمام المحاكم محددًا القواعد المنظمة لاختصاصاتها وآليات رفع الدعاوى، وطرق التبليغ، وضوابط المرافعة، ومراحل الطعن، وأحكام التنفيذ، بما يضمن وضوح الإجراءات وعدالتها.

ويكتسب نظام المرافعات الشرعية أهميته من كونه الضمان التشريعي الذي يكفل حقوق الخصوم، ويحافظ على استقرار المعاملات، ويعزز فاعلية القضاء، مع الالتزام التام بأحكام الشريعة الإسلامية، ومراعاة التطورات التشريعية والرقمية، بما يرسخ مبدأ العدالة الناجزة، ويعزّز الثقة في المؤسسة القضائية.

وفي الورقة القانونية التالية نستعرض معكم شرحًا موجزًا لنظام المرافعات الشرعية السعودي، مع استعراض دور هيئة الخبراء بشأنه، وشرح بعض المواد التشريعية (71، 75، 76) بالإضافة إلى اللائحة التنفيذية ذات الصلة، وأكثر الأسئلة حوله شيوعًا. 

نظام المرافعات الشرعية السعودي

صدر نظام المرافعات الشرعية السعودي في تاريخ 1435/01/22 هـ الموافق 25/11/2013 م بموجب المرسوم الملكي رقم (م/1) منظمًا لإجراءات التقاضي أمام المحاكم الشرعية، ومستهدفًا تحقيق الآتي: 

  1. تطبيق مبادئ الشريعة الإسلامية في منظومة التقاضي.
  2. ضبط مراحل الدعوى القضائية بدايةً من القيد وحتى تنفيذ الأحكام.
  3. تحديد مواعيد زمنية ملزمة للإجراءات القضائية.
  4. تبسيط وضبط إجراءات التقاضي لضمان النزاهة والشفافية.
  5. حفظ حقوق الأطراف المتنازعة لضمان تحقيق العدالة الناجزة.
  6. تسريع الفصل في المنازعات للحد من إطالة أمد النزاع.

ملخص نظام المرافعات الشرعية 

يتكون نظام المرافعات الشرعية السعودي من أربعة عشر بابًا، وقد تضمن مجموعة من الأحكام النظامية أبرزها الآتي: 

  1. الأحكام العامة متمثلة في نطاق تطبيق النظام، وضوابط صحة المراسلات والإجراءات القضائية، وأحكام إحالة الدعاوى بين المحاكم المختصة، إضافة إلى تنظيم آليات التبليغ. 
  2. أحكام الاختصاص و بيان قواعد الاختصاص القضائي، بما يشمل الاختصاص الدولي، والنوعي، والمكاني للمحاكم السعودية. 
  3. إجراءات رفع الدعوى وقيدها والذي يختص بشكل صحيفة الدعوى ومحتوياتها الإلزامية، وشروط قبولها، وآلية تقديمها إلى المحكمة المختصة، وأحكام حضور الخصوم أو تخلفهم عن الجلسات.
  4. إجراءات الجلسات والدفوع يختص بإجراءات تنظيم سير الجلسات القضائية، وتقديم الدفوع الشكلية والموضوعية، إضافة إلى وسائل الإثبات بما في ذلك الاستجواب، وتوجيه اليمين، وسماع الشهود، والاعتماد على الأدلة والقرائن.
  5. الأحكام وطرق الاعتراض، ويتضمن تنظيم إصدار الأحكام القضائية، وبيان تفسيرها أو تصحيحها، وطرق الاعتراض المقررة نظامًا مثل الاستئناف، النقض، وطلب الالتماس بإعادة النظر.
  6. القضاء المستعجل والإنهاءات يعنى الأحكام المتعلقة بالقضاء المستعجل، بما في ذلك الفصل في طلبات مثل فرض الحراسة القضائية أو إصدار أوامر المنع من السفر، بالإضافة إلى معالجة الإنهاءات والأحكام الخاصة كإثبات الوفاة أو إدارة أموال القاصرين.
نظام المرافعات الشرعية هيئة الخبراء

نظام المرافعات الشرعية هيئة الخبراء

تختص هيئة الخبراء بمجلس الوزراء بمهمة صياغة وتحديث نظام المرافعات الشرعية السعودي، بالتعاون مع وزارة العدل والمجلس الأعلى للقضاء، إذ تعمل الهيئة على دراسة التعديلات القانونية المقترحة من الجهات المعنية بذلك، وإعداد الصياغة القانونية الصائبة، ثم رفعها لاستكمال الإجراءات النظامية لإقرارها قانونًا.

كما تلتزم الهيئة بنشر النسخة الرسمية المحدثة من النظام عبر بوابة الأنظمة السعودية، وهي المصدر الرسمي المعتمد لكافة النصوص القانونية سواء للأنظمة الأساسية أو لوائحها التنفيذية.

نص وشرح المادة 71 من نظام المرافعات الشرعية

نص المادة وفقًا لنظام المرافعات الشرعية هيئة الخبراء

يدوّن كاتب الضبط – تحت إشراف القاضي – وقائع المرافعة في الضبط، ويذكر تاريخ افتتاح كل مرافعة ووقته، ووقت اختتامها، ومستند نظر الدعوى، واسم القاضي، وأسماء الخصوم ووكلائهم، ثم يوقع عليه القاضي وكاتب الضبط ومن ذكرت أسماؤهم فيه، فإن امتنع أحد منهم عن التوقيع أثبت القاضي ذلك في ضبط الجلسة

شرح المادة  71 من نظام المرافعات الشرعية

تنظم هذه المادة آلية توثيق مجريات المرافعات أمام المحكمة، وتحدد بدقة دور كاتب الضبط تحت إشراف القاضي في تدوين وقائع الجلسات إذ يلتزم كاتب الضبط بإثبات جميع البيانات الجوهرية للجلسة في سجل الضبط، والتي تتضمن تاريخ وتوقيت افتتاح الجلسة واختتامها، ومستند نظر الدعوى، اسم القاضي المختص بنظرها، أسماء الخصوم، أسماء ممثليهم القانونيين. 

وعقب الانتهاء من التدوين، يجب توقيع الضبط من جميع المذكورين فيه، لضمان صحة ما تم إثباته ومطابقته لما جرى بالفعل في الجلسة.

وحال امتناع أي شخص ممن ذكرت أسماؤهم عن التوقيع، يقوم القاضي بإثبات ذلك صراحة في محضر الجلسة، حتى يكون الأمر موثقًا قانونيًا ويعتبر دليلاً على واقعة الامتناع.

نص وشرح المادة 75 من نظام المرافعات الشرعية

في البداية إليك نص المادة 75 من نظام المرافعات الشرعية السعودي

الدفع ببطلان صحيفة الدعوى، أو بعدم الاختصاص المكاني، أو بإحالة الدعوى إلى محكمة أخرى لقيام النـزاع نفسه أمامها أو لقيام دعوى أخرى مرتبطة بها، يجب إبداؤه قبل أي طلب أو دفاع في الدعوى أو دفع بعدم القبول، وإلا سقط الحق فيما لم يبد منها.

شرح المادة 75 من نظام المرافعات الشرعية

تنص المادة على ضرورة تقديم الدفوع الإجرائية، مثل الدفع ببطلان صحيفة الدعوى، أو الدفع بعدم الاختصاص المكاني، أو الدفع بعدم القبول، أو الدفع بإحالة الدعوى إلى محكمة أخرى لوجود ذات النزاع أمامها أو لارتباطها بدعوى أخرى منظورة لديها، قبل الدخول في أي طلبات أو دفوع أخرى في الدعوى. 

إذ يترتب على عدم إبداء هذه الدفوع في الوقت المحدد سقوط الحق في التمسك بها لاحقًا، ويُعتبر ذلك تنازلًا ضمنيًا عن إثارتها. 

تستهدف هذه المادة منع تأخير الإجراءات بإثارة دفوع شكلية في مراحل متأخرة من سير الدعوى، مما يحقق تنظيم الدعاوى واستقرارها نظاميًا وسرعة الفصل في المنازعات القائمة. 

مواد نظام المرافعات الشرعية السعودي

نص وشرح المادة 76 من نظام المرافعات الشرعية

تنص المادة 76 من نظام المرافعات السعودي على ما يلي:-

الدفع بعدم اختصاص المحكمة لانتفاء ولايتها أو بسبب نوع الدعوى أو قيمتها، أو الدفع بعدم قبول الدعوى لانعدام الصفة أو الأهلية أو المصلحة أو لأي سبب آخر، وكذا الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها؛ يجوز الدفع به في أي مرحلة تكون فيها الدعوى وتحكم به المحكمة من تلقاء نفسها، إذا رأت المحكمة أن الدفع بعدم قبول الدعوى لعيب في صفة المدعى عليه قائم على أساس، أجلت نظر الدعوى لتبليغ ذي الصفة.

شرح المادة 76 من نظام المرافعات الشرعية

تنص المادة على أن الدفع بعدم اختصاص المحكمة أو بعدم قبول الدعوى لانتفاء الصفة أو الأهلية أو المصلحة أو لسبق الفصل في القضية يدرج ضمن الدفوع الجوهرية التي يمكن إبداؤها في أي مرحلة من مراحل الدعوى، حتى ولو لم يثره الخصوم من تلقاء أنفسهم، إذ يحق للمحكمة أن تقضي به مباشرة إذا تبين لها وجوده.

بذلك، تؤكد المادة على أن المحكمة لها سلطة ذاتية في التحقق من هذه الدفوع دون انتظار طلب الخصوم، باعتبارها متعلقة بالنظام العام أو بصحة الخصومة.

وفي حال كان الدفع بعدم قبول الدعوى مبنيًا على عيب في صفة المدعى عليه، ورأت المحكمة أن الدفع قائم على أساس صحيح، فإنها تؤجل نظر الدعوى حتى يتم تبليغ ذا الصفة ضمانًا لسلامة الإجراءات وحمايةً لحقوق الدفاع.

اللائحة التنفيذية لنظام المرافعات الشرعية

تم إصدار اللائحة التنفيذية لنظام المرافعات الشرعية وفقًا للقرار الوزاري رقم (٣٩٩٣٣) بتاريخ 19/5/1435هـ من وزارة العدل السعودية، بهدف استكمال أحكام النظام وتفسيرها وبيان آليات تطبيقها. 

وتتكون اللائحة من أربعة عشر فصلًا، تضم قواعد تفصيلية تنظم مختلف جوانب التقاضي، ومنها: إجراءات رفع الدعوى والشروط اللازمة لقبولها، وطرق الطعن في الأحكام مثل الاستئناف والنقض، وإجراءات الإثبات، وتنظيم القضاء المستعجل، ووقف الخصومة أو انقطاعها، وتحديد اختصاص المحاكم، وطرق التوكيل في الخصومة، بالإضافة إلى تنظيم إجراءات التحقيق.

نظام المرافعات الشرعية pdf

يمكن الاطلاع على كافة تفاصيل الأحكام النظامية الواردة في نظام المرافعات الشرعية السعودي بالضغط على الرابط،إذ يتضمن مائتين واثنتين وأربعين مادة تستهدف تنظيم سير إجراءات التقاضي داخل المحاكم بما يحقق العدالة الناجزة ويحمي الحقوق. 

وختامًا، فإن نظام المرافعات الشرعية السعودي يعد حجر الأساس في تنظيم إجراءات التقاضي أمام المحاكم، إذ جاء محددًا القواعد والأصول التي تضمن سير الدعوى وفق إطار منهجي واضح عادل. 

وقد جاء النظام لضمان حفظ حقوق المتقاضين، وضبط مواعيد وإجراءات الخصومة، وتطبيق مبادئ الحياد والشفافية في إصدار الأحكام، لذا فإن الإلمام بأحكام نظام المرافعات الشرعية لا يقتصر على الممارسين للعمل القانوني من القضاة والمحامين فقط، بل يمتد ليشمل كل من له تعامل مع القضاء من الأفراد والجهات لما له من أثر مباشر في حماية الحقوق وتحقيق العدالة الناجزة. 

قد يهمك قراءة: أسباب رفض مطالبات التأمين في السعودية

الأسئلة الشائعة 

ما هو الهدف من نظام المرافعات الشرعية؟

يهدف إلى تنظيم إجراءات التقاضي أمام المحاكم، وضمان سير الدعوى بشكل منضبط يحقق العدالة الناجزة ويحفظ حقوق الخصوم.

هل يجوز للمحكمة الحكم بعدم الاختصاص من تلقاء نفسها؟

نعم، وفقًا للمادة 76 من النظام يجوز للمحكمة ذلك إذا تبين لها عدم الاختصاص، حتى لو لم يثره أي من الخصوم، لأنه من الدفوع المتعلقة بالنظام العام.

هل يجب توقيع جميع أطراف الدعوى على ضبط الجلسة؟

نعم، ويوقع القاضي وكاتب الضبط ومن ذكرت أسماؤهم فيه، وإذا امتنع أحد عن التوقيع، يتم إثبات ذلك في الضبط.

لا تعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *